الأربعاء، 24 أغسطس 2011

ساحل البحر المتوسط

ماذا تعرف عن ساحل البحر المتوسط

 وهذه المنطقة عبارة عن حزام ساحلي، يمتد من الإسكندرية حتى السلُّوم، غرباً؛ وهي غزيرة الأمطار نسبياً، ومن هنا جاء ترتيبها في المرتبة الثانية، بعد جبل علبة، من حيث التميز بالغنى والتنوع الكبير في الحياة النباتية. وبالقرب من البحر، تتواجد كثبان الرمال البيضاء، يليها للداخل صدوع كلسية، متقطعة بأودية يحتوي بعض منها على مستنقعات ملحية. ثم يلي ذلك، في الاتجاه للداخل، شريط مستوي من أراضٍ صخرية مكشوفة، تتناثر فيها بقع من خليط الرمل والطين ( حمادا – hamada ).



ويقوم سكان هذه المنطقة برعي الأغنام، كما أن لهم زراعات محدودة، مثل نخيل البلح، وأشجار الزيتون، وشجيرات التين، وبعض المحاصيل الأخرى. وإضافةً لما سبق، تنشط أعمال السياحة المتنامية على طول هذا الساحل.

ويبرز بين النباتات المتواجدة بهذه المنطقة تسعة أنواع ذات نشأة مصرية أصيلة، منها أربعة أنواع لا تجدها إلا على طول هذا الامتداد الساحلي، من بينها نبات ( الطرطير )، وسلالة منشقة منه. كما يوجد في هذا الساحل الصحراوي نوع نباتي عالمي الانتشار، هو ( الحسك )، أو ( العقول )؛ واسمه العلمي هو Echinops taeckholmianus ؛ والشق الثاني من هذه التسمية العلمية هو اسم عالمة النبات السويدية الشهيرة ( فيفي تاكهولم )، التي وهبت كل جهدها العلمي لدراسة النباتات البرية المصرية.

وقد هيَّــأ اعتدال مناخ المنطقة، ووفرة النباتات بها، الفرصة ليتجمع فيها عدد كبير من الزواحف واللبونيات صغيرة الحجم، مع أنواع عديدة من الطيور. فأما عن الطيور، فإن جانباً كبيراً منها شديد الارتباط بالمنطقة، ولا يغادرها؛ ويشهد فصلا الربيع والخريف أسراباً من ملايين الطيور، تهبط على امتداد الساحل، لتأخذ أول فترة راحة لها، بعد طيران مستمر، عبر البحر المتوسط بالنسبة للطيور القادمة من أوربا، أو عبر الصحراء الأفريقية بالنسبة للطيور المهاجرة من الجنوب. وفي سنة واحدة، قُـدِّرَ عدد الطيور من نوع ( القنبرة قصيرة الأصابع )، المهاجرة إلى هذه المنطقة، بحوالي عشرة آلاف طائر، في الميل المربع الواحد. ومن الطيور المقيمة في الساحل الشمالي، ( الجليل، أو جروان )، ذو اللون المائل للاصفرار، وهو من الملامح المميزة للمنطقة؛ وطائر ( القنبرة طويلة المنقار )؛ و ( القنبرة المتوَّجة قصيرة المنقار )؛ و ( الأبلق أحمر العُجُـز )؛ وأخيراً، طائر ( الغراب الأسحم )، غير المعروف إلا في هذا الموقع من مصر.

أما عن الزواحف القاطنة بالساحل الصحراوي للبحر المتوسط، فمنها ( البرص خشن الجلد )؛ و ( السقنقر جلد النمر )؛ و العظاءة المسماة ( قاضي الجبل )؛ و ( الدسَّاس البلدي )، وهي حية جبارة تكسِّـــر فريستها، وهي ليلية النشاط، وتأكل الأبراص والسحالي.

ومن لبونيات المنطقة، مجموعة من أنواع القوارض شديدة الندرة، تضم ( الجربوع رباعي الأصابع )؛ و ( الجربوع المصري الكبير )؛ بالإضافة إلى نوع رائع من الفئران، هو ( الخلد )؛ وهو فأر أعمى، أبتر الذيل، له شبه بأسلاف قديمة له مسجلة بالحفريات، ويقضي معظم حياته تحت سطح الأرض. والحقيقة، أن للخلد عينين، ولكنهما أثريتان، مندثرتان، يغطيهما جلد وشعر؛ وبالرغم من أنهما تعجزان عن الرؤية، إلا أن المعروف عن الخلد نشاطه الواضح، عندما يظهر فوق سطح الأرض، في أوقات التزاوج، وعندما يبحث عن نباتات تصلح طعاماً له. ومن حيوانات المنطقة، أيضاً، الثعلب الأحمر، والقنفذ طويل الأذنين، بالإضافة إلى فأر الرمال السمين.

يمتد ساحل البحر المتوسط المصري من رفح، عند الحدود المصرية مع قطاع غزة، إلى السلوم، عند الحدود المصرية الليبية، بمسافة 1200 كم. وفي المنطقة الشاطئية، تنحدر الأرض بدرجات متفاوتة، من موقع لآخر، على طول خط الشاطئ المتوسطي. وعلى ذلك، فإن المياه تصل إلى عمق مائة متر على أبعاد متفاوتة من هذا الخط، فتصل إليه قريباً جداً من الشاطئ في الجزء الغربي؛ وتزداد المسافة تدريجياً كلما اتجهنا شرقاً، حتى يكون عمق المائة متر أبعد ما يكون عن خط الشاطئ في بورسعيد؛ وبعدها، تعود المسافة بين الشاطئ وهذا العمق لتضيق مرة أخرى. ويرد ذلك إلى المخروط الطيني المترسب في منطقة مصب نهر النيل، أمام الدلتا.

 وبصفة عامة، يتأثر محتوى المياه الساحلية من النباتات والحيوانات بالعمق، وبدرجة توفر مصادر الغذاء الأساسي، وهي مصادر محدودة في تلك المنطقة، مما جعلها لا تتمتع بتنوع أحيائي كبير، مقارنةً بالبحر الأحمر. وعلى أي حال، يتوزع على طول القاع الغربي من الساحل المتوسطي المصري مروج متسعة من بعض أنواع الأعشاب البحرية، أهمها عشب ( بوسيدونيا أوشيانيكا )، مختلطاً بها بعض أنواع الطحالب البنية، من جنس ( سارجاسام )، بالإضافة إلى أنواع عديدة من الطحالب الحمراء والخضراء. والمعروف أن للأعشاب البحرية دوراً حيوياً مؤثراً كمستنبت أو حاضنة لصغار الكائنات البحرية، في مواسم تكاثرها؛ وهي أيضاً طعام مجموعة متنوعة من فقاريات البحر ولافقارياته؛ وأهم آكلي هذه الأعشاب السلحفاة الخضراء، وهي النوع الوحيد بين السلاحف البحرية نباتية الطعام.

وتتأثر الكائنات القاعية، أو الطاعمات القاعيات، إلى حد كبير، بطبيعة القاع، فإذا كان طينياً أو رملياً، ناسب أنواعاً بعينها من الجلدشوكيات، والرخويات، والديدان عديدة الأشواك؛ وإذا غلبت فيه الطبيعة الصخرية، سكنته أنواع مختلفة عن هذه.

والثابت، أن تنوع اللافقاريات البحرية في الجزء الجنوبي الشرقي من حوض البحر المتوسط منخفض نسبياً، غير أن هذه المجموعة من الحيوانات تضم أنواعاً عديدة من الرخويات ( أكبر الطوائف في المياه الشاطئية )، ومن الجلدشوكيات، وأيضاً من الديدان عديدة الأشواك ( وهي أكبر الطوائف في المياه العميقة )؛ وبالإضافة إلى هذه الطوائف الرئيسية، توجد أنواع من لافقاريات أخرى، كالأشنات الحيوانية، أو ( البرايوزوا )، والقشريات، والإسفنج، الذي تعرف المياه المتوسطية المصرية أربعة أنواع اقتصادية منه، هي : ( الفنجان التركي)، و ( أذن الفيل )، و ( الزيموكا )، و ( قرص العسل ).

ويفتقر البحر المتوسط للشعاب المرجانية الحقيقية، ولكنه الموطن لعديد من أنواع الأشنات الحيوانية، وهي عبارة عن حيوانات دقيقة الحجم، طولها أقل من الملليمتر الواحد، وتوجد مستقرة أو ( جالسة )، ويميل معظم أنواعها للتجمع في مستعمرات تفترش أسطح أي جسم صلب مغمور، مثل حطام السفن الغارقة، وخطوط الاتصالات الممتدة على القاع، والصخور؛ ومنها أنواع تصنع فيما بينها تكوينات تحاكي النباتات، عبارة عن صفائح قائمة، لها اسم عام، هو ( شعاب الدانتيللا ).

وتشتمل قائمة فقاريات مياه البحر المتوسط المصرية على أكثر من 350 نوعاً سمكياً، من بينها 43 نوعا غير أصيلة، مصدرها مياه المحيطين الهندي والهادي، هاجرت إلى المتوسط عبر قناة السويس؛ وبين هذه الأسماك أنواع عديدة عالية القيمة الاقتصادية، مثل أسماك المرجان، وأنواع البوري، والوقاريات. أما الفقاريات اللبونية المسجلة في مياه البحر المتوسط المصرية، فثمانية أنواع؛ ويمكن أن نضيف إليها الفقمة نادرة الوجود، المعروفة باسم ( الراهب ) Monk Seal ؛ التي يعتقد أنها تتواجد في بعض المواقع التي تجدها مناسبة لمعيشتها، إلى الغرب من مرســـى مطروح، والتي ترى – من حين لآخر – أمام الساحل الليبي، بالقرب من الحدود مع مصر.

 ومن البرمائيات، تعرف مياه المنطقة ثلاثة أنواع من السلاحف البحرية، هي ( الخضراء )، و ( كبيرة الرأس، أو البلهاء )، و ( جلدية الظهر )؛ وتزور الأوليان الشاطئ المصري، بشكل متقطع، لوضع البيض؛ أما الأخيرة، فغير معروف عنها قيامها بذلك، وهي الأكثر ندرةً بين الأنواع الثلاثة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق