د. عبدالحليم نور الدين تاريخ و حضارة مصر
تضمنت كل مواقع الاستيطان فى مصر من عصور ما قبل التاريخ وعلى امتداد التاريخ المصرى القديم مدينة للاحياء واخرى للاموات ، واذا كانت شواهد مساكن الاحياء لا تكاد تذكر قياسا بمدينة الاموات للاسباب التى ذكرتها من قبل ، الا انه لاباس من الاشارة فى عجالة الى بعض ما تبقي من مساكن للاحياء .
تضمنت كل مواقع الاستيطان فى مصر من عصور ما قبل التاريخ وعلى امتداد التاريخ المصرى القديم مدينة للاحياء واخرى للاموات ، واذا كانت شواهد مساكن الاحياء لا تكاد تذكر قياسا بمدينة الاموات للاسباب التى ذكرتها من قبل ، الا انه لاباس من الاشارة فى عجالة الى بعض ما تبقي من مساكن للاحياء .
فمنذ عصور ما قبل التاريخ ، لدينا نماذج لاطلال مساكن من حضارة مرمرة بنى سلامة ، البدارى و نقادة وغيرها .
ويحتفظ المتحف المصرى وغيره بنماذج من الطين لمساكن من هذه الفترة . واحتفظت لنا المجموعات الهرمية وخصوصا فى هضبة الجيزة باطلال لمساكن من الطوب اللبن للعمال والحرفيين والذين شاركوا فى بناء الاهرامات او يقومون على خدمة الطقوس التى تجرى هناك .
وكانت المساكن تشيد من الطين واغصان الاشجار ثم من الطوب اللبن بعد ذلك , ولدينا مثالا واضاحا من الاسرة الثانية عشرة فى منطقة اللاهون حيث شيد هرم الملك سنوسرت الثاني ، وكانت مقسمة الى احياء وتفصل بين البيوت شوارع ضيقة .
وضمت القرية مساكن فقيرة فى بناءها وكانت مخصصة للعمال والحرفيين واخرى متوسطة للموظفين وثالثة فخمة لكبار رجال الدولة .
ويتراوح عدد الغرف من مسكن لاخر حسب الوضع الاجتماعى لصاحب المسكن ، لكن اصغرها كان يتضمن فناء مكشوفا وغرفة للاستقبال وغرفة للطعام وغرفة اواكثر للنوم ومخزن او اكثر ومكان لطهو الطعام وحمام .
ولعل من افضل المساكن التى تبقت تلك الكائنة فى تل العمارنة .
مساكن تل العمارنة :
يمكن الحديث عن نموذجين لمنزلين كان احدهما قائما فى مكان بعيد عن المناطق الزدحمة بالسكان ، وكان يضم اكثر من طابق . اما منزل الضواحى اوالمنزل الخاص فكان تصميمه على النحو التالى :
يتخذ السكن الرئيسى المرتفع قليلا عن سطح الارض شكلا مستطيلا ، وكان يبنى من اللبن ، وتكسو حوائطة من الملاط .
يتكون القسم الامامى من المنزل من ردهة واسعة يتركز سقفها على اعمدة يتراوح عددها بين الاثنين والثمانية ، وكانت مخصصة لانتظار المدعوين .
اما قاعة الاستقبال فانها تشغل اهم جزء فى القسم المتوسط ، وكان صاحب الدار يجلس على منصة صغيرة مبنية بالحجر وملتصقة باحد الجدران ، وامام هذه المنصة يوجد المكان المخصص للمدعوين الذين ، بعد ان يستقروا ، يتلقون الماء المعطر فى ايديهم وعلى اقدامهم .
وكان يتوسط القاعة موقد من الفخار مثبت فى الارض . وكان ثمة اعمدة يتراوح عددها بين الواحد والاربعة من الخشب الملون على قواعد من الحجر الجيرى تحمل سقف القاعة الوسطى الذى كان اعلى من سقف الحجرات الاخرى .
هذه الاعمدة كانت تطلى باللون الاحمر القاتم وتعلوها افاريز ملونة . اما الكمرات الخشبية والدعائم فانها كانت مكسوة بطبقة من المصيص الوردى اللون .
وثمة نوافذ ذات قضبان حجرية تفتح فى الجزء العلوى من الجدران تضمن اضاءة القاعة الوسطى .
اما الارضية فكانت مغطاة ببلاطات مسطحة تزينها زخارف من الازهار وكانت الابواب تزخرف بعناصر متنوعة .
ومن احدى القاعات الجانبية يرتفع سلم يؤدى الى السطح ، ويشكل السكن الخاص القسم الخلفى من المنزل ، وعادة ما تحيط مجموعة من الحجرات بقاعة متوسطة يرتكز سقفها على عمود واحد ، وهى تمثل المكان الذى يجتمع فيه افرادالاسرة . ويلى ذلك غرفة النوم وربما غرفة للاغتسال ، واخر للتزين والتعطير ، واخيرا نجد الحمامات التى قد تزود بمقاعد ثابتة او متحركة .
وكان للمنزل ملحقات للخدم والمطابخ والافران وصوامع الغلال ومخزن المؤن وحظائر الماشية والدواجن ، ومحال الحرف المختلفة ، كمصنع الجعة ، وورشة النجارة ، وومصنع الغزل والنسيج .. الخ
وتعطينا المناظر الممثلة على جدران بعض المقابر فكرة عن الحديقة التى كانت تقع عادة امام واجهة الدار . هذه الحديقة تتخذ شكلا منظما يتوسطها حوض مستطيل الشكل تسبح فى مياهه الاسماك ذات الالوان الزاهية وتزدان حوافة باوراق شجر عريضة وازهار اللوتس .
ويحف بالحديقة ممرات متعاقبة تقوم فيها اشجار الجميز والنخيل والرمان ، وكانت حواف الحوض منحدرة بميل . وتضم الحديقة جوسق او هيكل صغير ، وكثيرا ما كانت هناك تكعيبات من اشجار العنب التى تضفي جوا من التنوع يقطع الرتابة الجاثمة على صفوف الاشجار .
اماالدار العامة والتى كانت توجد فى المناطق السكنية المزدحمة ، فكانت تتكون من قبو وطابقين للسكن ، منهما الطابق الارضي ، وكثيرا ما كان يوجد فوق السطح حجرة او حجراتان صغيرتان تشكلان ما يشبة الطابق الثالث.
وخصص الطابق العلوي للسكن الخاص حيث يضم غرف النوم وملحقاتها . اما السطح فكان يضم حجرات صغيرة لاغراض منزلية مختلفة ، كان بعضها مخصصا لقضاء الامسيات والتمتع بالجو الجميل .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق