د. عبدالحليم نور الدين تاريخ و حضارة مصر
ان العمارة فى اي مكان او زمان تجئ معبرة من ظروف البيئة التى تنشا فيها وعن الفكر الدنيوى الدينى لهذه الامة او تلك . ثم تعبير عن امكانات اقتصادية وقدرة ادارية وخبرة بشرية .
ان العمارة فى اي مكان او زمان تجئ معبرة من ظروف البيئة التى تنشا فيها وعن الفكر الدنيوى الدينى لهذه الامة او تلك . ثم تعبير عن امكانات اقتصادية وقدرة ادارية وخبرة بشرية .
ونظرة على طبيعة الارض المصرية سوف يتضح ان الجزء الاصغر منها عبارة عن شريط صغير صالح للزراعة يمتد بامتداد نهر النيل . اما الجزء الاكبر فهو ارض صحراوية تتخللها بعض الهضاب والمرتفعات .
وقد امدت الهضاب والمرتفعات العمارة المصرية بانواع مختلفة من الاحجار ، الجيري ،الرملى ، الرخام ,الجرانيت ، البازلت والالبستر وغيرها .
وتوافرت فى الصحراوات المصرية بعض المعادن مثل النحاس والذهب والفضة وغيرها .
كما وفرت الارض المصرية الطين والطمى الطفلة لصناعة الطوب اللبن .
اما الاخشاب ، فلم ينبت فى الارض المصرية منها سوي انواع من الاشجار التى لا توفر الخشب الجيد بقدر ما توفر خشب يصلح لاغراض بسيطة في العمارة وللوقود مثل شجر الجميز والسنط والدوم والنخيل .. الخ . وكانت الاخشاب الجيدة تستورد من لبنان مثل خشب الارز .
وتتاثر العمارة بالمناخ السائد فى البيئة ، وكان المناخ فى مصر مستقرا الى حد كبير من حيث درجات الحرارة المعتدلة اغلب شهور العام ، وان اشتدت الحرارة فى شهور الصيف وازدادت البرودة فى فصل الشتاء ليلا . والمعروف كذلك ندرة الامطار وخصوصا فى صعيد مصر .
وكان سطوع الشمس على امتداد معظم ايام العام عاملا مؤثرا فى العمارة من حيث اللجوء الى البساطة فى التصميم والاكتفاء بالضوء الناتج عن الابواب وفتحات فى الاسقف والافنية والردهات المكشوفة .
وجاء سمك جداران الطوب المشيدة من اللبن معبرا عن الحرص على تحقيق التوازن بين درجات الحرارة فى الداخل والخارج .
وادت قلة الامطار الى ان تاتى السقوف مسطحة ، كما ادى ارتفاع درجات الحرارة الى عدم استخدام الطوب المحروق (الاحمر ) الذى لايحقق الرطوبة المطلوبة داخل النشاة .
وكان للعقيدة الدينية تاثيرها الكبير على العمارة المصرية ، فايمان المصري بحياة ما بعد الموت حياة ابدية خالدة جعله يشيد منشات الحياة الاولى المؤقتة من مادة لا تقاوم عوادي الزمن لانه سيعيش فيها لفترة مؤقته ، وهى الطوب اللبن ، ولهذا نلحظ ان ما تبقى لنا من منشات دنيوية قليل جدا اذا ما قورن بالمنشاة الدينية (المعاب والمقابر )التى شيدها المصرى القديم من الحجر لتكون لها صفة الدوام .
وجاء تخطيط المنشات الدنيوية (المساكن والمنشات الادارية والعسكرية وغيرها ) معبرا عن وظيفتها من خلال فكرة الازدهار والانهيار .
اما تخطيط المنشات الدينية فقد جاء معبرا بوضوح عن الدور الوظيفي الدينى للمنشاة من حيث عدد وحجم المناظر والنصوص المطلوب تسجلها ومن حيث كم ونوع الطقوس التى تمارس فيها .. وبمعنى اخر معبرة تعبيرا واضحا عن فكر دينى واضح وعن معتقدات وطقوس تجرى فى هذه المنشات .
وتؤثر الخبرة الادارية والفنية تاثيراكبيرا على العمارة ، ومن حسن حظ مصر ان الانسان المصرى سواء الادارى والمهندس والفنان والبناء والحجار وغيرها .. امتلكوا صبرا شديدا وارادة لا تلين للوصول باهدافهم الى درجة اقرب ما تكون الى الكمال .
ونظرة فاحصة على ما تركوا لنا من عمائر وفنون سوف يتاكد لنا حرص المصرى على اداء عملة وانجازه باتقان شديد من خلال استفادته من كل التجارب السابقة ومن خلال ما اكتسبه عبر العصور .
ولدينا عشرات الامثلة ، فالشكل الهرمى للمقبرة لم يصل اليه الانسان المصرى الا بعد مئات السنين من الممارسة والصبر وحسن الادارة وقوة الاقتصاد والفكر الدينى الواضح .
ويمكن تقسيم العمارة المصرية القديمة من حيث الدور الوظيفى الى نوعين :
أ- عمارة دنيوية :
اى تلك التى تخدم اغراض الحياة الدنيا ، وقد تكون مدينة مثل القصور –المساكن – المنشات الادارية والخدمية ، او عسكرية مثل القلاع – الحصون ،الاسوار 0الابراج ..الخ .
ب- عمارة دينية :
اى تلك التى تخدم اغراض الحياة الاخرة مثل المعابد والمقابر والمقاصير .. الخ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق